بعد تحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة رسمية

مصر المنقذ لأوروبا من أزمة نقص الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

- احتياطات الغاز لدول منتدى غاز شرق المتوسط بقيادة مصر طوق النجاة للقارة العجوز
- قرارات الحكومة المصرية بترشيد استهلاك الغاز توفر للدولة 31 دولارًا لكل مليون وحدة غاز
- ارتفاع قيمة صادرات مصر إلى حوالى 4 مليار دولار خلال الثلث الأول من العام الحالي

تقرير يكتبه : عبدالنبي النديم

تتجه مصر بخطى متسارعة وقفزات جادة تحققت على أرض الواقع، نحو التحول إلى مركز إقليمي للطاقة، في خضم الحرب الضروس التى تدور رحاها بين روسيا في حربها على أوكرانيا، وأمريكا وحلف الناتو وحلفائها من الدول الأوروبية بحرب العقوبات على موسكو، استخدم فيها الدب الروسي السلاح الأقوى الذى أركع القارة العجوز أمام الاحتياج الشديد للغاز الطبيعي الروسي، والتى أدت إلى ارتفاع جنونى للأسعار، حيث تخطى سعر الألف متر مكعب من الغاز حاجز 3900 دولار، بعد أن كان 300 دولار فقط لكل ألف متر مكعب من الغاز الطبيعى قبل الحرب الروسية على أوكرانيا.
وفقا للسياسية التى وجه بتنفيذها الرئيس السيسي وقامت الحكومة المصرية بتنفيذها، وضعت مصر في موقف المنقذ لما تواجهه اوروبا من نقص الغاز الروسي، وخاصة بعد تحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة رسمية مقرها القاهرة، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز واكتشافات الغاز الأخيرة في البحر المتوسط، وفي مقدمتها حقل ظهر، لتصبح لاعبا أساسيا في سوق الغاز، بعد أن عملت مصر خلال السنوات الماضية على تنمية واستغلال ما لديها من ثروات طبيعية، وسعت للتحول من بلد يكافح لتدبير نفقات استيراد الغاز، إلى بلد مصدر ولاعب أساسي مؤثر في سوق الغاز العالمي.
ويأتي أهمية دور مصر فى سوق الطاقة العالمي وما يواجهه من تحديات قبل استضافتها في نوفمبر المقبل، قمة المناخ "كوب 27"، والحشد الدولي الذي تقوم به لإنجاح هذه الفعالية المرتقبة عالميًّا، في مدينة شرم الشيخ، والذي يعول المشاركون في المؤتمر الخروج بحلول لاستخدامات الطاقة النظيفة، ووضع أطر لاستخدام الوقود الأحفورى.
ومنذ تولى الرئيس السيسي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية، وجه بالعمل على تحويل مصر إلى دولة طاقة إقليمية للمؤهلات التي تمتلكها، والاكتشافات البحرية للغاز الطبيعي.
الأمر الذى دعا الرئيس السيسي، خلال شهر يوليو الماضي دول الإتحاد الأوروبي ، أن بلاده مستعدة لتقديم ما لديها من تسهيلات، لإيصال الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا، وذلك في إطار مواجهة أزمة الطاقة التي يمر بها العالم، وخاصة أوروبا، على خلفية الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتز على هامش حوار بوطرسبرغ للمناخ في برلين.
 وأكد الرئيس السيسي آنذاك على استعداد مصر التام لوضع أسس للشراكة مع ألمانيا في مجال الطاقة بكل أنواعها، سواء من خلال تصدير الغاز الطبيعي إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي، أو من خلال إقامة شراكة ممتدة بإطار رؤية مصر الطموحة، للتحول لمركز متميز في إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة، خاصة من الهيدروحين الأخضر والطاقة الشمسية وطاقة الرياح،  في إطار أن أزمة الطاقة أزمة عالمية، وأن مصر على استعداد لتقديم ما لديها من تسهيلات من غاز شرق المتوسط، ليصل إلى أوروبا، للتخفيف من آثار هذه الأزمة، وأن مصر كانت متيقظة جدا، وأنشأت منتدى شرق المتوسط الذي يهدف إلى أن يعظم ويركز على مصادر الطاقة في شرق المتوسط، وأن تتم الاستفادة من التسهيلات والإمكانيات الموجودة في مصر، حتى يصل الغاز لمستهلكيه".
ومن ناحية أخرى اتخذت الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، عدة قرارات لتوفير الغاز الطبيعي للتصدير وجلب العملة الصعبة لخزينة الدولة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة، منها قرارًا مهمًا لتوفير كميات أكبر من الغاز الطبيعي للتصدير من خلال استبدال الغاز الطبيعي المستخدم في محطات توليد الكهرباء بالمازوت، حيث تستهلك محطات الكهرباء أكثر من 60% من إنتاج الغاز الطبيعي المصري لتوليد الكهرباء، وهي نسبة كبيرة جدا مقارنة بباقي القطاعات الأخرى مثل تحويل السيارات للغاز الطبيعي واستهلاك الغاز في المنازل بدلا من البوتاجاز، بجانب تصدير كميات قليلة فقط منه وهو ما لا يتعدى نسبته 40% من الناتج المحلي.
وقد صرح الدكتور مصطفى مدبولي فى عدة تصريحات عن ترشيد استهلاك الغاز الطبيعي في محطات إنتاج الكهرباء، إن فاتورة وسعر الغاز الطبيعي ارتفع بشكل كبير وواضح على مستوى العالم، خاصة مع ارتفاع سعر الدولار عالميا.
وأنّه كلما تم ترشيد استهلاك الغاز وتوفيره، كلما زادت كميات تصديره وتوفير العملة الصعبة للدولة وهو ما نسعى له في الوقت الحالي، من خلال استبدال الغاز بالمازوت لتوليد الكهرباء، حيث يصل كمية الوفر من 100 لـ 150 مليون دولار شهريا، دون تخفيف استهلاك الكهرباء.
وأكدت بيانات صادرة عن وزارة البترول عن ارتفاع قيمة صادرات مصر خلال العام الجارى 2022  من الغاز الطبيعي والمسال خلال أول أربعة أشهر، 98 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 3.892 مليار دولار.
وبحسب البيانات، فإن قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي زادت خلال عام 2021 بنسبة 768.2 % لتصل إلى 3.959 مليار دولار مقابل 456 مليون دولار خلال 2020.
أكد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس 2022" أن أمن الطاقة أهم تحدي يواجه العالم في الوقت الحاضر، وان صادرات الغاز المصري لأوروبا 700 مليون قدم مكعبة، وإن صادرات الغاز المصرية لن تستطيع أن تعوض الصادرات الروسية ولكنها قد تسد جزء بسيط منها.
كما أوضح الملا أن مصر ستتمكن من زيادة الإمدادات على المدى المتوسط والطويل في ضوء التعاون ما بين دول شرق المتوسط من خلال منظمة دول غاز شرق المتوسط، نظرا لامتلاكها لاحتياطيات كبيرة جدا من الغاز.
وحول أهمية ترشيد وتوفير الغاز المصري للتصدير لتحقيق وفورات فى العملة الصعبة، مع الزيادة التى وصلت إلى حد الجنون فى أسعار الغز، أكد المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، وخبير شئون البترول والغاز، إن توفير استهلاك الغاز الطبيعي بمحطات توليد الكهرباء سيوفر الكثير من الأموال والعملات الأجنبية للدولة من خلال تصديره والاستفادة منه كمورد أساسي وفعّال في جذب العملات الأجنبية لخزينة الدولة، وأنه يتم استهلاك كميات كبيرة من الغاز في محطات الكهرباء، ولكن عند تصديره وبيعه للخارج سيكون له عائد كبير جدا للدولة، خاصة وأن الدولة تحتاج لكل دولار في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الحالية.
مؤكدا أن أسعار الغاز الطبيعي ترتفع بشكل غير طبيعي خلال الأزمة الحالية التى يمر بها العالم نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، وحرب الغاز المشتعلة بين روسيا والدول الغربية، فوفق المؤشر الهولندي لأسعار الغاز الطبيعي المسال في أوروبا، والذي يتم التعامل به، خاصة في ظل الظروف الحالية للدول الأوروبية واحتياجها للغاز الطبيعي بعد توقف استيرادها للغاز الطبيعي من روسيا عقب اندلاع الحرب بينها وبين أوكرانيا، يتيح الفرصة أمام مصر لتصدير الغاز الطبيعي المسال الخاص بها، خاصة وأن الاتحاد الأروبى طلب من مصر رسميا امدادها بالغاز.
وأضاف يوسف أن تصدير الغاز الطبيعي للخارج كله فوائد لمصر، من تعظيم الدور المصرى لمركز اقليميى للطاقة، وجلب العملة الصعبة للدولة المصرية من عائدات تصدير الغاز، التي يتم استخدمها في العديد من القطاعات الأخرى، ويساعدها اقتصاديا بشكل كبير.
وأكد يوسف أن تصدير الغاز الطبيعي المسال سيوفر للدولة حوالي ما لا يقل عن 30 دولارا لكل مليون وحدة حرارية تقوم مصر بتصدريها، وذلك عقب خصم مصروفات النقل والإسالة وغيرها.

اقرأ أيضا | مسؤول أمريكي: روسيا تستخدم الطاقة كسلاح بإيقاف ضخ الغاز عبر «نورد ستريم 1»